بسم الله الرحمن الرحيم
اسأل الله ان يحينا من كل عين انه على كل شيئ قدير
* أدلة الكتاب :
أ - قال تعالى في محكم كتابه : ( وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِىَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ ) ( البقرة – 109 ) 0
قال ابن كثير :( يحذر تعالى عباده المؤمنين عن سلوك الكفار من أهل الكتاب ويعلمهم بعداوتهم لهم في الباطن وما هم مشتملون عليه من الحسد للمؤمنين مع علمهم بفضلهم وفضل نبيهم ) ( تفسير القرآن العظيم – 1 / 146 ) 0
قال ابن تيميه في هذه الآية :( فذم اليهود على ما حسدوا المؤمنين على الهدى والعلم 0
وقد يبتلى بعض المنتسبين إلى العلم وغيرهم بنوع من الحسد لمن هداه الله بعلم نافع أو عمل صالح ، وهو خلق مذموم مطلقا ، وهو في هذا الموضع من أخلاق المغضوب عليهم ) ( اقتضاء الصراط المستقيم – 1 / 70 ، 71 ) 0
ب – قال تعالى في محكم كتابه : ( أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا ءاتاهمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ ءاتَيْنَا ءالَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وءاتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا ) ( النساء – الآية 54 ) 0
قال ابن كثير :( يعني بذلك حسدهم النبي e على ما رزقه الله النبوة العظيمة ، ومنعهم من تصديقهم إياه حسدهم له لكونه من العرب وليس من بني إسرائيل ) ( تفسير القرآن العظيم – 1 / 486 ) 0
ج – قال تعالى في محكم كتابه : ( إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنْ الأخَرِ قَالَ لأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنْ الْمُتَّقِينَ ) ( المائدة – الآية 27 ) 0
قال ابن كثير :( يقول تعالى مبينا عاقبة البغي والحسد والظلم في خبر ابني آدم لصلبه في قول الجمهور وهما قابيل وهابيل كيف عدا أحدهما على الآخر فقتله بغيا عليه وحسدا له فيما وهبه الله من النعمة وتقبل القربان الذي أخلص فيه لله عز وجل ففاز المقتول بوضع الآثام والدخول إلى الجنة وخاب القاتل ورجع بالصفقة الخاسرة في الدارين ) ( تفسير القرآن العظيم – 2 / 39 ، 40 ) 0
د - قال تعالى في محكم كتابه : ( إِذْ قَالَ يُوسُفُ لأَبِيهِ يَاأَبَتِ إِنِّى رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِى سَاجِدِينَ * قَالَ يَابُنَىَّ لا تَقْصُصْ رء يَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ ) ( يوسف – الآية 4 ، 5 ) 0
قال ابن كثير :( يقول تعالى مخبرا عن قول يعقوب لابنه يوسف حين قص عليه ما رأى من هذه الرؤيا التي تعبيرها خضوع إخوته له وتعظيمهم إياه تعظيما زائدا بحيث يخرون له ساجدين إجلالا واحتراما وإكراما فخشي يعقوب - عليه السلام - أن يحدث بهذا المنام أحدا من إخوته فيحسدونه على ذلك فيبغون له الغوائل حسدا منهم له 0 ولهذا قال له :( لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا ) أي يحتالون لك حيلة يردونك فيها ) ( تفسير القرآن العظيم – 2 / 450 ) 0
هـ- قال تعالى في محكم كتابه : ( وَقَالَ يَابَنِىَّ لا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ 000 الآية ) ( تفسير القرآن العظيم – الآية 67 ) 0
قال ابن كثير :( يقول تعالى إخبارا عن يعقوب - عليه السلام - إنه أمر بنيه لما جهزهم مع أخيهم بنيامين إلى مصر ؛ أن لا يدخلوا كلهم من باب واحد وليدخلوا من أبواب متفرقة ، فإنه كما قال ابن عباس ومحمد بن كعب ومجاهد والضحاك وقتادة والسدي وغير واحد : أنه خشي عليهم العين وذلك أنهم كانوا ذوى جمال وهيئة حسنة ومنظر وبهاء ، فخشي عليهم أن يصيبهم الناس بعيونهم ، فإن العين حق تستنزل الفارس عن فرسه ) ( تفسير القرآن العظيم – 2 / 466 ) 0
و - قال تعالى في محكم كتابه : ( وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ ما شَاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ إِنْ تُرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالا وَوَلَدًا ) ( الكهف – الآية 39 ) 0
قال ابن كثير :( أي هلا إذ أعجبتك حين دخلتها ونظرت إليها حمدت الله على ما أنعم به عليك وأعطاك من المال والولد ما لم يعطه غيرك وقلت ما شاء الله ) ( تفسير القرآن العظيم – 3 / 75 ) 0
ز – قال تعالى في محكم كتابه : ( وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ 00 الآية ) ( القلم – الآية 51 ) 0
قال ابن كثير - رحمه الله - في تفسيره :( قال ابن عباس ومجاهد وغيرهما ( ليزلقونك ) لينفذونك ( بأبصارهم ) أي يعينونك بأبصارهم بمعنى يحسدونك لبغضهم إياك لولا وقاية الله لك وحمايته إياك منهم ، وفي هذه الآية دليل على أن العين إصابتها وتأثيرها حق بأمر الله عز وجل ، كما وردت بذلك الأحاديث المروية من طرق متعددة كثيرة ) ( تفسير القرآن العظيم – 4 / 409 ) 0
ح - قال تعالى في محكم كتابه : ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ * مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ * وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ * وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِى الْعُقَدِ * وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ ) ( سورة الفلق ) 0
قال الفخر الرازي : ( من المعلوم أن الحاسد هو الذي تشتدّ محبته لإزالة نعمة الغير إليه ، ولا يكاد يكون كذلك إلا ولو تمكن من ذلك بالحيل لفعل ، فلذلك أمر الله بالتّعوّذ منه ، وقد دخل في هذه السورة كل شر يتوقّى كمه ديناً ودنيا ، فلذلك لما نزلت هذه السورة فرح رسول الله صلى الله عليه وسلم بنزولها ، لكونها مع ما يليها – يعني سورة الناس – جامعة في التعوّذ لكل أمر ) ( التفسير الكبير – 32 / 195 ) 0
* أدلة السنة المطهرة :-
1)- عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف – رضي الله عنه – قال : ( مر عامر بن ربيعة بسهل بن حنيف وهو يغتسل ، فقال : لم أر كاليوم ، ولا جلد مخبأة 0 فما لبث أن لبط به 0 فأتى به النبي صلى الله عليه وسلم فقيل له : أدرك سهلا صريعا قال : ( من تتهمون به ؟ ) قالوا عامر ابن ربيعة 0 قال : ( علام يقتل أحدكم أخاه ؟ إذا رأى أحدكم من أخيه ما يعجبه ، فليدع له بالبركة ) ثم دعا بماء 0 فأمر عامرا أن يتوضأ 0 فغسل وجهه ويديه إلى المرفقين 0 وركبتيه وداخله ازاره0 وأمره أن يصب عليه ) ( صحيح الجامع – 556 ) 0
قال ابن حجر في الفتح : ( وفي الحديث أنَّ الإصابة بالعين قد تقتل 0 وفيه أن العين قد تكون من الإعجاب ولو بغير حسد ، ولو من الرجل المحب ، ومن الرجل الصالح 0 وفيه أن الذي يعجبه الشيء ينبغي أن يبادر إلى الدّعاء للذي يعجبه بالبركة ويكون ذلك رقية منه ) ( فتح الباري - 10 / 215 ) 0
2)- عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( العين حق ) ( متفق عليه ) 0
قال شمس الحق العظيم أبادي :( " والعين " أي أثرها " حق " وتحقيقه أن الشيء لا يعان إلا بعد كماله وكل كامل يعقبه النقص ، ولما كان ظهور القضاء بعد العين أضيف ذلك إليها قاله القاري 0 وفي فتح الودود : والعين حق لا بمعنى أن لها تأثيرا ؛ بل بمعنى أنها سبب عادي كسائر الأسباب العادية يخلق الله تعالى عند نظر العائن إلى شيء وإعجابه ما شاء من ألم أو هلكة انتهى ) ( عون المعبود – 10 / 259 ) 0
3)- عن عائشة - رضي الله عنها - قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( استعيذوا بالله من العين 0 فإن العين حق ) ( صحيح الجامع - 938 ) 0
قال المناوي :( " استعيذوا بالله من العين " أي التجئوا إليه من شر العين التي هي آفة تصيب الإنسان والحيوان من نظر العائن إليه ، فيؤثر فيه فيمرض أو يهلك بسببه " فإن العين حق " أي بقضاء الله وقدره لا بفعل العائن ؛ بل يحدث الله في المنظور علة يكون النظر بسببها فيؤاخذه الله بجنايته عليه بالنظر ) ( فيض القدير – 492 ، 493 ) 0
4)- عن جابر - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أكثر من يموت من أمتي بعد قضاء الله وقدره بالعين ) ( السلسلة الصحيحة – 774 ) 0
قال النووي : ( في الحديث إثبات القدر ، وهو حق ، بالنصوص وإجماع أهل السنة ، ومعناه أن الأشياء كلها بقدر الله تعالى ، ولا تقع إلا على حسب ما قدرها الله تعالى ، وسبق بها علمه ، فلا يقع ضرر العين ولا غيره من الخير والشر إلا بقدر الله تعالى 0 وفيه صحة أمر العين ، وأنها قوية الضرر 0 والله أعلم ) ( صحيح مسلم بشرح النووي ) 0
5)- عن جابر وأبي ذر - رضي الله عنهما - قالا : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( العين تدخل الرجل القبر ، وتدخل الجمل القدر ) ( السلسلة الصحيحة - 1249 ) 0
قال المناوي :( " العين تدخل الرجل القبر " أي تقتله فيدفن في القبر ، " وتدخل الجمل القدر " أي : إذا أصابته أو أشرف على الموت ذبحه مالكه وطبخه في القدر 0 وهذا يعني أن العين داء والداء يقتل فينبغي للعائن أن يبادر إلى ما يعجبه بالبركة فتكون رقية منه ) ( فيض القدير – 4 / 397 ) 0
6)- عن أبي ذر - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن العين لتولع بالرجل بإذن الله تعالى ، حتى يصعد حالقا ثم يتردى منه ) ( السلسلة الصحيحة – 889 ) 0
قال المناوي : قوله : ( " إن العين " أي : عين العائن من الإنسان أو الجان " لتولع " أي : تعلق " بالرجل " أي : الكامل في الرجولية ، فالمرأة ومن هو في سن الطفولة أولى " بإذن الله تعالى " أي : بتمكينه وإقداره " حتى يصعد حالقا " أي جبلا عاليا " ثم يتردى " أي يسقط " منه " لأن العائن إذا تكيفت نفسه بكيفية رديئة انبعثت من عينه قوة سمية تتصل به فتضره ، وقد خلق الله في الأرواح خواصا تؤثر في الأشباح (أي الأجسام) لا ينكرها عاقل ، ألا ترى الوجه كيف يحمر لرؤية من يحتشمه ويصفر لرؤية من يخافه وذلك بواسطة تأثير الأرواح ، ولشدة ارتباطها بالعين نسب الفعل إليها وليست هي الفاعلة بل التأثير للروح فحسب ) ( فيض القدير - 2 / 376 ) 0