(اتلانتس ἀτλαντὶς νῆσος) المدينة المجهوووولة..

(اتلانتس ἀτλαντὶς νῆσος) المدينة المجهوووولة..

صَدَق من قال ان العالم ممتلئ بالغرائب.. فالحكايات الأغرب من الخيال تملأ كل الأمكنة في هذه الحياة.. أحداث تقع بلا سبب.. اختفاء يلفه الغموض.. ظواهر طبيعية لا يزال الإنسان عاجزاً عن فهمها، وظواهر غير طبيعية يختلط فيها العلم بالخرافات.. فأين نحن وأين الحقيقة من معجزات الأزمنة الغابرة وهي معجزات معمارية تركها لنا الأولون، في وقت يؤكد كثيرون أن بعض هذه المعجزات هي من صنع مخلوقات فضائية وليست من صنع البشر.

قلعة بعلبك في لبنان.. آثار تدمر في سوريا.. أهرامات مصر وأهرامات أميركا الجنوبية.. مدينة بترا الأردنية.. جزيرة الفصح في أقصى المحيط الهادي.. أحجار ستونهينغ في بريطانيا.. رابط واحد يجمع بين كل هذه المواقع هو الغموض الذي يثير في زائرها كل الخيالات عن الماضي وعن عظمة الإنسان القديم أيضاً.

وفي ما يلي نواصل الرحلة مع معجزات وغرائب الزمن القديم:
منذ وجد الإنسان على هذه الأرض، وهو مشدود للمجهول الذي احتل حيزا كبيرا من تفكيره، فعرف بعضه ولا يزال يجهل الكثير. ولعل حكاية أتلانتيس المدينة المجهولة، والضائعة في أعماق المحيط، وربما هي الأكثر غموضا في مسيرة الإنسان، لا تزال تحتل جزءا كبيرا من تفكيره الذي يختلط فيه الخيال بروح المغامرة.. فصدرت بشأنها مئات الروايات والحكايات والنظريات التي سرعان ما وجدت فيها عاصمة السينما كنزا لا قرار له، فحولتها إلى أفلام ومسلسلات حصدت ملايين الدولارات، وحققت نجاحا على مستوى العالم.
فمن أين جاءت الحكاية؟ وما أصل هذه المدينة؟ أين موقعها؟ ولو أن السؤال الأكثر أهمية يبقى: هل الحكاية حقيقية أم أنها شطحات خيال، خاصة أن أيا من العلماء والمتخصصين لم يتوصل حتى هذه اللحظة إلى إعطاء دليل علمي مؤكد على وجود هذه المدينة؟

أصل الحكاية

بدأت الحكاية عام 335 قبل الميلاد مع الفيلسوف اليوناني الشهير أفلاطون الذي خطط لتأليف ثلاثة كتب، الأول عن طبيعة الإنسان، والثاني يناقش خلق الكون، أما الكتاب الثالث فيروي قصة أتلانتيس، وغير ذلك من الموضوعات الفلسفية كما كان يردد على مسامع تلامذته.
أكمل أفلاطون كتابه الأول، وتخلى عن الثاني بعد أن قارب على الاكتمال، أما الثالث فلم يكتب فيه حرفا واحدا. جرت عادة أفلاطون أن يعبر عن أفكاره على صورة حوارات فلسفية، كما لو كانت مناقشة تتم بين عدة أشخاص، لكي يتيح الفرصة لعرض مختلف الأفكار والتوجهات، حتى ولو كانت متناقضة في ما بينها. وغالبا ما كان هذا الفيلسوف يستخدم أسماء شخصيات حقيقية ومعروفة، كأبطال لتلك الحوارات، بل إنه كثيرا ما استخدم اسم أستاذه سقراط في حواراته، لكن الواقع يؤكد أن كل الأفكار المتداولة هي أفكار أفلاطون نفسه.

كاهن في مصر
في أحد كتب أفلاطون ترد إشارة مطولة عن شخص يدعى كريتياس يروي حكايات عن أتلانتيس، يقول إن تلك الحكايات متداولة بين أفراد أسرته منذ عدة أجيال. وطبقا لهذا الرجل، فإن أحد أجداده سمع حكاية أتلانتيس من كاهن خلال زيارة قام بها إلى مصر.
يقول أفلاطون على لسان الرجل إنه كانت توجد إمبراطورية عظيمة الشأن، وقوة بحرية هائلة إلى الغرب من أعمدة هرقل (ما يعرف اليوم بجبل طارق). وقد هزمت هذه الإمبراطورية عدة مناطق في غرب أوروبا، وشمال أفريقيا قرابة عام 9500 قبل الميلاد.

الإمبراطورية عبارة عن جزيرة في المحيط الأطلسي، أنشأها بوسيديون إله البحر الذي أنجب خمسة توائم، وقد منح أكبر هذه التوائم، واسمه أطلس القارة والمحيط الذي يقابلها، وبات يحمل اسمه. ومن ثم قسم إله البحر القارة الأوروبية إلى عشرة أجزاء، ووزعها على أبنائه العشرة على أن يكون الحكم فيها لهم ولذرياتهم من بعدهم.

مركز الإمبراطورية
تمضي الحكاية على لسان ذلك الرجل، فتقول إن أتلانتيس هي مركز تلك الإمبراطورية القوية. كانت على مستوى عال من الرقي والهندسة المعمارية الرفيعة، سلسلة جدران متحدة المركز، كأنها سوار يحيط بالمدينة التي تخترقها قنوات مائية. ويوجد في مركز المدينة مرتفع كأنه جبل صغير، وعلى قمته معبد للإله بوسيدون، وفي داخل المعبد تمثال من الذهب الخالص لذلك الإله، وهو يمتطي صهوة جواده ذا الأجنحة الستة.
تتواصل الحكاية على لسان كريتياس، فتقول إنه في عام 9000 قبل الميلاد تقريبا، انتشر الفساد والطمع بين سكان أتلانتيس، فقرر الإله أن يدمرهم ويبيدهم عن بكرة أبيهم. حدث زلزال قوي هز الأرض ومن عليها، تبعته أمواج عملاقة اكتسحت المنازل، فغرقت الجزيرة تماما خلال ساعات قليلة. استقرت في أعماق المحيط، ولم يشاهدها أحد بعد ذلك اليوم.

بين الحقيقة والخيال
الغموض يلف كل التفاصيل، بل لا شيء مؤكد حول الموضوع، والكثيرون ينكرون القصة من أساسها ويعتبرونها محض خيال.
بعد هذه التفاصيل، يطرح المتخصصون العديد من الأسئلة.. هل كانت الحكاية التي أوردها أفلاطون عن أتلانتيس عملية تلفيق لمعلومات خيالية، أم أنه بالفعل كان يشير إلى تفاصيل حقيقية وإلى مدينة حقيقية؟

حين يمضي المرء في قراءة حوارات أفلاطون، يجد إشارات متكررة ترد على ألسنة أشخاصه المفترضين بأن المعلومات صحيحة وليست خزعبلات. ليس هذا فقط، فالفيلسوف يلبس حكايته الكثير من التفاصيل الدقيقة جداً عن أتلانتيس، ولو كان يتعمد استخدام أسلوب أدبي متميز فقط لما كان في حاجة لكل هذه التفاصيل كما يقول المتخصصون.

نقطة أخرى لا تقل أهمية، فالمؤرخ اليوناني الشهير «سترابو» يقول إن الفيلسوف أرسطو، وهو أحد تلاميذ أفلاطون، أشار في كتبه إلى أن أستاذه اخترع حكاية أتلانتيس لإيصال فكرة ما إلى قرائه.. لكن لسوء الحظ فكتابات أرسطو حول الموضوع، والتي يمكن أن تضع الحكاية في مكانها الصحيح بين الحقيقة والخيال، قد ضاعت كلها منذ دهور طويلة.

نظريات طريفة
من النظريات الطريفة عن موقع أتلانتيس، والتي تجمع كل الروايات أنها كانت قوة بحرية هائلة، ما قاله عدد من الباحثين الأوروبيين بأنها تقع في قلب القارة الأوروبية وبالتحديد في سويسرا التي لا تطل على البحر.
ويقول آخرون إن موقع أتلانتيس يوجد في نيوزيلندا التي تقع في المحيط الهادئ، في حين أن المستكشف المعروف بيرسي فاوسيت يقول إنها تقع في البرازيل.
البروفيسور ك. تي. فروست الأستاذ في جامعة «كوين» في بلفاست بايرلندا الشمالية يطرح نظرية هي الأقرب إلى الصحة وفقاً لعدد كبير من المتخصصين، يقول فيها إن أتلانتيس لم تكن غرب أعمدة هرقل بل إلى الشرق منها.

وأضاف الرجل أن الكارثة التي قضت على أتلانتيس لم تحدث قبل أفلاطون بتسعة آلاف عام كما يتردد، بل قبله بتسعمائة عام فقط.
وبناء على هذا الرأي فمن المرجح أن يكون موقع أتلانتيس قريباً جداً من جزيرة كريت اليونانية.

جزيرة كريت
لتعزيز هذا الرأي يعود أصحابه إلى التاريخ، فجزيرة كريت كانت عام 1500 قبل الميلاد مقراً لإمبراطورية «المينون» التي تمكن شعبها بما لديه من قوة بحرية هائلة من السيطرة على شواطئ شرق البحر الأبيض المتوسط، ويقال أيضاً انهم كانوا يفرضون الجزية على الكثير من شعوب تلك المنطقة.
وتؤكد الحفريات والدراسات التاريخية أن شعب المينون كان على مستوى رفيع من الحضارة والثقافة، كما أن نظام البناء عند هذا الشعب كان متقدماً جداً.. بالإضافة لنظام قضائي أعطى المرأة حقوقاً متساوية تماماً مع الرجل.
وتؤكد الشواهد التاريخية أيضاً أن شعب المينون الذي كان يتخذ من جزيرة كريت مقراً رئيسياً كان يعتمد على نظام زراعي متقدم جداً بما لديه من أنظمة ري لإيصال المياه إلى كل المناطق المزروعة.

يقول العلماء ان حضارة المينون اختفت بسرعة خاطفة جداً في وقت يؤكد علماء التاريخ والآثار أن الجزيرة المعروفة حالياً باسم «سانتوريناس»، والتي تقع على بعد عشرة أميال إلى الشمال من جزيرة كريت تعرضت لكارثة رهيبة هي التي قضت على حضارة المينون.
ويضيف أصحاب هذا الرأي أن جزيرة سانتوريناس، التي باتت اليوم مجموعة جزر صغيرة، كان يتوسطها بركان كبير، وأن هذا البركان انفجر على نفسه قرابة عام 1500 قبل الميلاد.

مقارنة بين ثورتين
لمقارنة قوة ثورة هذا البركان بغيره من الكوارث الطبيعية يقول المتخصصون انه أقوى بأربع مرات من أكبر انفجار بركاني عرفته البشرية في التاريخ المنظور وهو انفجار بركان يقع في جزيرة «كراكاتاو» الإندونيسية عام 1883 والذي أعقبته موجات مد عملاقة.. تسونامي.. بلغ ارتفاع أمواجه مائة وعشرين قدماً، ضرب الجزر المجاورة وتسبب في مقتل ستة وثلاثين ألف شخص وقد غطت أعمدة الدخان الأسود بسبب ثورة البركان السماء طوال ثلاثة أيام، ويقال ان دوي الانفجارات المرافقة سمعت من مسافة تبعد خمسة آلاف كيلومتر.

ويضيف المتخصصون فيقولون ان موجات التسونامي التي ضربت جزيرة كريت اقتحمت المنطقة الشاطئية بعمق يزيد على كيلومترين فدمرت المدن والقرى في طريقها، وأن أسطول شعب المينون قد غرق خلال ثوان قليلة.

اختلاط الأمر
بعد هذه الحقائق التاريخية يتساءل كثيرون.. ترى هل كان أفلاطون يروي حكاية شعب المينون والكارثة التي حلت بجزيرة كريت على أنها أتلانتيس؟
يقول أصحاب هذا الرأي أن الكثير من التفاصيل التي أوردها أفلاطون عن أتلانتيس هي جزء من الحقائق المعروفة الآن عن جزيرة كريت والكارثة التي ضربتها.. النساء يتقلدن مناصب سياسية رفيعة.. ثقافة متقدمة تقوم على مبادئ السلام.. عشق الشعب في كل من أتلانتيس وكريت لرياضة مصارعة الثيران والطقوس الدينية المرافقة لها.

فإذا كانت رواية أفلاطون عن أتلانتيس هي نفسها تقريباً التفاصيل المعروفة تاريخياً عن شعب المينون، فكيف اختلط الأمر على الفيلسوف اليوناني الشهير فاختلفت روايته عن الحقائق التاريخية المعروفة بنقطتين.. موقع الكارثة وتاريخ وقوعها؟

أخطاء في الترجمة
البعض يقول ان هناك احتمالاً بوقوع أخطاء في الترجمة من اللغة الهيروغليفية إلى اليونانية.. صفر زيادة أضيف إلى تاريخ وقوع الكارثة فبدلاً من عام 900 قيل 9000.
الخطأ الثاني في الترجمة يدور حول المسافة بين مصر وكريت، فبدلاً من 250 ميلاً، ظهر صفر زائد فصارت 2500 ميل.
إذا كان الأمر كذلك فمعناه أن أفلاطون حسب المسافة بين مصر وأتلانتيس فتصور أن المدينة الغارقة كانت قائمة على بعد 2500 ميل من مصر أي أنها في المحيط الأطلسي.
وعلى الرغم من قوة الحجة التي يوردها أصحاب نظرية أن أتلانتيس هي جزيرة كريت فنسبة كبيرة من العلماء والمتخصصين ما زالوا يرفضونها

نظريات كثيرة
النظريات الحديثة عن أصل وموقع أتلانتيس كثيرة بالطبع. البعض يقول إنها كانت جزءاً من جزيرة سانتوريني اليونانية في حين يقول آخرون إنها كانت في منطقة جبل طارق.. ويقول فريق ثالث إن موقع أتلانتيس هو منطقة كورنوول البريطانية.. لكن ما يثير الدهشة بالفعل هو ما أكده باحثون متخصصون من أنهم عثروا على دليل بأن أتلانتيس كانت في جزيرة بالي الإندونيسية، لكن هؤلاء الباحثين لم يكشفوا ماهية ذلك الدليل.
فإذا كانت جزيرة بالي هي الموقع الأصلي، فكيف وصلت المدينة الغارقة إلى أعماق الأطلسي والمسافة بين الموقعين تقاس بأكثر من عشرين ألف كيلومتر؟.. هل دارت حول رأس الرجاء الصالح؟! أما إذا كانت اليونان موقعها الأصلي فكيف عبرت مضيق جبل طارق؟
الأسئلة كثيرة جداً لكن أحدث النظريات في هذا الشأن تقول إن أتلانتيس كانت في جنوب إسبانيا وقد جرفها تسونامي عملاق.

سؤال بلا جواب
يطرح المتخصصون سؤالاً بسيطاً، لكن يبدو أنه سيظل بلا جواب.. يقولون: لو فرضنا جدلاً صحة حكاية الغرق، فهل يمكن لأحد أن يدلنا أين كانت أتلانتيس قبل أن تستقر في أعماق المحيط؟
الاعتقاد الأقرب إلى المنطق وفقاً لأصحاب هذا الرأي، يقول إن أتلانتيس كانت تقع إلى الغرب من جبل طارق، قريباً من جزر الآزور (الخالدات). ففي عام 1882 نشر سياسي أميركي يدعى إغناتيوس دونالي كتاباً بعنوان: «أتلانتيس.. العالم القديم» قال فيه إن ما ورد على لسان أفلاطون يمثل معلومات تاريخية صحيحة.
وأضاف أن أتلانتيس استقرت في وسط المحيط الأطلسي، ومن المرجح كما قال أن تكون جزر الآزور هي بقايا قمم مرتفعات المدينة الغارقة.

وقال السياسي الأميركي إنه درس وتخصص في علوم الجيولوجيا، كما درس علوم الحيوان والنبات وتوصّل بموجب دراساته إلى نتيجة مفادها أن الحضارة العالمية بدأت مع شعب أتلانتيس، ثم انتشرت عن طريق المستوطنات التي أقامها أبناء هذا الشعب في مختلف مناطق العالم مثل مصر والبيرو.
وخلال فترة قصيرة أصبح كتاب كونالي الأكثر مبيعاً في أسواق الكتب، لكن المتخصصين لم يأخذوا آراءه على محمل الجد، لأنه لم يقدم أي دليل علمي يؤكد نظريته.. ومع مرور السنين اكتشف الجميع أن تلك النظرية لم تكن سوى كذبة كبيرة أراد صاحبها تحقيق الشهرة بإطلاقها.

مسح قاع المحيط
عدد من الباحثين الأوروبيين والأميركيين قاموا في السنوات الثلاث الأخيرة بعملية مسح شاملة لقاع المحيط الأطلسي على أمل تحديد موقع المدينة الغارقة، فتبين لهم وجود طبقات رسوبية كثيفة تغطي القاع، وقالوا إن هذه الطبقات الرسوبية تكونت على مدى ملايين السنين، ولا يوجد أي دليل على وجود أتلانتيس أو غيرها.

يسلمووو هالآيدين على هالشي الحلو عيوني
الله لا يحرمنا من هالطلة الحلوة يا حئ
دمت بكل الود والاحترام
تمينياتي لك
بالتوفيق

» قالون.. قارئ المدينة!!
» اتهامات للأمن بارتكاب مجزرة ببنغازي ..و أطباء بمستشفى المدينة أصيبوا بانهيار عصبي
» اللاذقية ثاني مدن الانتفاضة السورية تفتقد الحياة الاجتماعية والاقتصادية..معارض : النظام أوصل المدينة إلى احتقان مذهبي