التبول الليلي .. مشكلة منتشرة تعالج بالارشاد و التعزيز

التبول الليلي .. مشكلة منتشرة تعالج بالارشاد و التعزيز

ينتظر الوالدان أحداثا معينة في حياة أطفالهم، منها صدور أول كلمة، وأول ابتسامة، وأول خطوة، وأول لقمة يتناولها. وبالمنوال نفسه، ينتظران اليوم الذي يتوقفون فيه عن إلباسهم الحفاظ، وبدء استعمالهم للحمام.

وقد تتأخر قدرة الطفل على التحكم في مثانته، ويستمر في التبول ليلا، مما يسبب إحباطا وتعبا وأحيانا غضبا لدى الوالدين. بيد أنه من المهم الانتباه الى ان الدراسات تشير الى ان هذا التأخر ليس نادرا، وحتى لو احتاج إلى التدخل الطبي، فغالبا ما يحل مع تقدم الاطفال في العمر. لذا لابد من ان يستمر الوالدان في انتظار تطور قدرة الطفل، فأطفالنا يتوقعون منا الحب والاحترام والدعم وتعزيز ثقتهم بأنفسهم. فإن لم نوفر لهم ذلك، فمن سيوفره لهم؟

بشكل عام، تبدأ سعة المثانة عند الرضيع في الازدياد تدريجيا مع نمو الجسم لتصل سعتها في عمر ثلاث السنوات إلى أربعة أضعاف ما كانت عليه عند الولادة. وهو ما يسبب انخفاض عدد مرات التبول اليومي من 20 مرة يوميا في شهره الأول، إلى حوالي 10 مرات يوميا في عمر ثلاث سنوات. ومع هذا التطور يبدأ الطفل في اكتساب القدرة على التحكم إراديا وتدريجيا بعملية التبول.

وغالبا ما يتمكّن الطفل من التحكم في عملية التبول اثناء النهار، لكن قد تستمر المشكلة مع بعض الأطفال ليلا، فيلازمهم تبليل الفراش ليلا، نتيجة لتسرب البول لا إراديا اثناء النوم، سواء سبّب ذلك استيقاظه أو لم يسببه.

في البداية بيّن الدكتور فيصل الكندري، استشاري طب الأطفال وأمراض الكلى في مستشفى مبارك الكبير -كما ورد في صحيفة القبس الكيتية اليوم - أن هناك فرقا ما بين الطفل الذي يتبول لا إراديا اثناء النوم وذاك الذي يتبول لا إراديا طوال الوقت (صباحا وليلا):

- التبول اللاإرادي المستمر غالبا ما يرجع لوجود مشاكل جسدية مثل مشاكل عصبية أو التهابات أو وجود عيوب خلقية أو أمراض في الغدد تسبب فرط تكون البول. ويجب علاج هذه الحالات المرضية، حتى يتمكن الطفل من التحكم في مثانته. وهذه نقطة الفرق الرئيسية، فالتبول اللاإرادي الليلي، غالبا ما لا يرجع لوجود مشاكل عضوية، بل إلى ضعف قدرة الطفل على التحكم بالقناة المسؤولة عن تسريب البول.

متى يتعلم الذهاب للحمام؟
هذا السؤال مهم، ولكن ليست له اجابة موحدة، فكل طفل يختلف عن الآخر. فالأم هي الأعلم باستعداد طفلها وبقدرته. على سبيل المثال، من الطبيعي أن يتأخر البعض في الكلام أو المشي، شأنه كشأن تأخر البعض عن تطوير القدرة على التحكم بعملية التبول. والأم هي الأكثر تقييما للوقت الذي يمكن تمرين الطفل على التحكم في التبول وقصد الحمام. ويبدأ الأمر مع عدم تلبيس الطفل للحفاظ، ثم أخذه عدة مرات في اليوم، وخاصة الأوقات التي تتبع الوجبات إلى الحمام.

وبشكل عام يجب ألا يعنَّف الطفل أبدا أو يُنهر او يوبّخ عند تبليله لنفسه، بل يتم تنظيفه، ثم تشجيعه ومكافأته على كل مرة يقصد فيها الحمام. فالأمر لابد أن يأخذ اسلوب الترغيب والتحبيب، مع التشجيع واستمرار التدريب.

متى يصبح الامر غير طبيعي؟
قصد الاستشارة الطبية والعلاج المبكر من الأمور الضرورية إن لم يتمكن الطفل من التحكم في عملية التبول مطلقا من بعد بلوغه عمر 4 سنوات. ففي هذا الوضع تعتبر الحالة غير طبيعية، ولابد من اكتشاف السبب وعلاجه.

التبول اللاإرادي الليلي
بالنسبة للجفاف أثناء فترة النوم ليلا، يختلف السن الذي تتطور فيه قدرة الطفل على الوصول إلى هذا الهدف. فهناك أطفال في عمر اربع سنوات ينامون من دون تبليل الفراش، بينما لا يتمكن البعض من ذلك الى ان يبلغوا عمر سبع سنوات، والذكور اكثر عرضة لحدوث ذلك مقارنة بالبنات في مقدار الضعف.
ومن الناحية الطبية، يعتبر الطفل يعاني من حالة التبول الليلي اللاإرادي بعد بلوغه عمر 6 سنوات، وعليه، فاستمراره بعد هذا العمر يستوجب قصد الاستشارة الطبية والعلاج.

الأسباب العضوية
هناك أسباب عضوية تسبب التبول اللاإرادي. وخلال الاستشارة الطبية الأولى، لابد من التأكد من عدم وجود أسباب عضوية أو مرضية تسبب التبول اللاإرادي، مثل:

- التهابات في المسالك البولية.

- الإصابة بداء السكر.

- المثانة العصبية (تسبب التبول اللاإرادي ليلا ونهارا).

- بعض أمراض الكلى التي تسبب الإكثار من التبول.

- مشاكل في الأعصاب والنخاع الشوكي.

- اضطرابات النوم مثل النوم العميق.

- كما بينت عدة دراسات ارتباط التبول الليلي مع الإصابة باللحميات البلعومية (أو ضيق مجرى الهواء العلوي) عند الأطفال. ووجد أن استئصال اللحمية المتضخمة يرافقه توقف التبول الليلي.

السبب النفسي
بالنسبة لما يثار حول ارتباط التبول الليلي مع وجود اضطراب نفسي في الطفل، فقد أكد د. الكندري أن نسبة حدوث التبول الليلي اللاإرادي نتيجة للضغوط النفسية أو المعاناة قليلة جدا. وعليه، فآخر سبب نفكر فيه هو السبب النفسي، أما السبب الأكثر شيوعا فهو الوراثة.

السبب الوراثي
الوراثة لها دور أساسي، فلو كان تاريخ أحد الوالدين يشير إلى تأخر قدرته على عدم تبليل سريره ليلا، فذلك يرفع من فرصة أن يشابهه أطفاله في ذلك. وبحسب الدراسات والإحصائيات، ترتفع النسبة إلى إصابة %75 من الأطفال ان كان الوالدان مصابين بهذه الحالة في الصغر. وفي حالة إصابة أحد الوالدين، تصل نسبة إصابة الأطفال إلى %45.
وإن لم يكن أي من الوالدين مصابا بهذه الحالة، تنخفض نسبة إصابة الأطفال إلى %15.

الأسلوب الخطأ
شدد د. الكندري على أهمية عدم اتباع الوالدين اسلوب التعنيف وتعريض الطفل للإحراج والعقاب والمقارنة مع الآخرين، وقال:

- اسوأ امر يقوم به الوالدان هو تدمير ثقة الطفل بنفسه وتثبيط نفسيته وهمته. وقد يتم تعنيفه كأنه مجرم ويقوم بفعلته قاصدا، مما يجعله يشعر بالذنب والخوف والنقص والخجل. فالأسلوب الصحيح والسليم، هو تعريفه بان العديد من الاطفال يبللون فراشهم ليلا، الى ان يصبحوا كبارا في السن وتتكون قدرتهم على التحكم بالمثانة. وبأنه سيتمكن من ذلك ايضا ان تابع المحاولة. فلا بد من تشجيعه.

ومن المهم ايضا أن يقصد الوالدان العيادات المتخصصة، للحصول على المساعدة الطبية التي تدعم الطفل وتشجعه وتعالجه ان احتاج ذلك.
وبصراحة، ما نخشاه هو ظهور مضاعفات نفسية نتيجة لما مر خلاله الطفل من ضغط نفسي واحراج واذلال، مما سيترك آثارا نفسية تسبب له مشاكل اجتماعية ودراسية ونفسية تستمر معه طوال العمر، في حين ان التبول اللاإرادي سيتوقف مع الوقت.

أسباب ترجع للولادة
نسب بعض العلماء الخلل في وظيفة المثانة الحسية والتفريغية إلى حدوث تأخر في نضج مناطق في القشرة الدماغية يسمى «الانحلال البسيط لقشرة الدماغ». وتحدث تلك نتيجة للولادة المتعسرة أو المبكرة بما يؤثر في التروية الدموية لدماغ الطفل، وبالتالي كمية الأوكسجين الواصلة مع الدم لتغذية مناطق دماغه المختلفة.

فيما بينت دراسة أخرى، قام فيها الباحثون بتحري وجود علاقة بين نقص وزن المولود عن المعدل الطبيعي ووجود خلل عصبي ونفسي سببه خلل في بعض المراكز العصبية، وخلصوا إلى إثبات وجود ارتفاع في حالات سلس البول الأولى عند الأطفال ذوي الوزن الناقص عند الولادة، خاصة ممن لديهم انخفاض نسبي في معدل الذكاء.

الإحصائيات ونسبة الإصابة
- في عمر 5 سنوات، فإن %10 يكون لديهم حالة التبول الليلي.

- في عمر 7 سنوات تنخفض النسبة الى %7 من الأطفال.

- في عمر عشر سنوات تصل النسبة إلى %5.

ثم تنخفض عن ذلك %15 مع كل سنة بعد ذلك، مما يؤكد أن هذه الحالة لا تعتبر من الحالات النادرة، وأن الطفل غالبا ما سيتمكن من عدم تبليل السرير مع تقدمه في العمر.

الخبراء يشيرون إلى أسباب نفسية
بالرغم من قلة ارتباط حدوث التبول الليلي مع اسباب نفسية، فان العديد من الخبراء يشيرون إلى ان بعض الاطفال قد يلجؤون الى ذلك او يصدر منهم هذا الفعل نتيجة لأسباب نفسية، مثل:
- عدم الشعور بالأمان، وغالبا ما ترافق هذه الفئة اعراض مثل التأتأة وضعف الثقة بالنفس والميل للتخريب ونوبات الغضب المفرطة.

- تعرض الطفل لمشاكل في المدرسة او لترهيب او تغيير في امر ما.

- الخوف من الظلام والأشباح والحيوانات أو من التهديد أو المجهول.

- أن يكون أحد الوالدين أو كليهما شديد السيطرة، فيصبح التبول تعبيرا عن التمرد تجاه الأسرة.

- التدليل والحماية المفرطة تسبب حاجة الطفل باستمرار لجذب الانتباه أو التمرد على الحماية المفرطة.

- بعض الاضطرابات النفسية والسلوكية المرضية.

- الغيرة ومحاولة الطفل جذب اهتمام الوالدين إليه، خصوصاً عند وصول مولود جديد.

- عقب شفاء الطفل من مرض كان خلاله محور اهتمام، قد يشعر باختفاء الاهتمام، ويسعى لاكتسابه بشتى الوسائل ومنها التبول اللاإرادي.

- اعتماد الطفل على أمه وحاجته لها، بشكل يجعله يتبول لاإراديا كحيلة لا شعورية تساعده للوصول لاهتمام أمه الشديد بجميع طلباته.

خطوات تساعد على التحكم في التبول
شدد د. فيصل الكندري على اهمية عدم تعنيف الطفل وتهديده، فذلك لن يجدي نفعا بل سيقلل من ثقته وهمته بالنجاح. بينما يعتمد العلاج الصحيح على اتباع بعض الارشادات العامة والسلوكية التي تهدف الى تقليل كمية تكون البول ليلا، مع تدعيم قدرة الطفل على التحكم بعملية التبول. وتشمل الارشادات الآتية:

- الامتناع عن شرب السوائل، الا كمية قليلة من ساعة الى ساعتين قبل النوم.

- ذهاب الطفل الى الحمام، وتأكد الام من تبوله قبل الذهاب للفراش.

- تجنب شرب المشروبات التي تحتوي على مادة الكافيين لكونها مدرة للبول في الفترة المسائية. وتشمل المشروبات الغازية والشاي.

- القيام ببرنامج تشجيعي للطفل، يتضمن عمل جدول وإعطاءه ملصق نجمة او وجه سعيد، يضعها مقابل الليلة التي لم يبلل فيها السرير. بينما توضع علامة حزن مثل وجه تعيس على الليلة التي بلل فيها سريره. وفي نهاية الاسبوع يعطى مكافأة بحسب عدد الايام التي لم يتبول فيها.
وتكون المكافأة بسيطة مثل: وجبة يحبها الطفل، زيارة لأصدقاء، طبخ طعام يحبه، وتتغير المكافأة في كل مرة حتى لا يمل الطفل.

- تدريب المثانة لزيادة سعتها: فيشرب الطفل كميات كبيرة من السوائل أثناء النهار ويطلب منه تأجيل التبول لأطول وقت ممكن (حتى لو كان لعدة ثوان أو دقائق) حين يشعر بالرغبة فيه. ويزاد هذا الوقت تدريجياً على مدى الأسابيع وبذلك تزداد سعة المثانة وتتعود الاحتفاظ بالبول لفترة أطول.

- في حالة تبليل الفراش ليلا، فيتولى الطفل مسؤولية تغيير الملايات واللحاف. فقيام الخادمة او الام بتغيير الملايات يعني انه لن يبذل اي جهد.
أما اضطرار الطفل لتغيير ملابسه وفراشه سيجعله يفكر من البداية بالتعب وعواقب تبليل الفراش، مما يجعله يفضل القيام من النوم عند الاحساس بالحاجة للتبول، بدلا عن تبليل السرير وتنظيف نفسه.

- عدم الباسه الحفاظ ليلا، لأن ذلك يشعره بالأمان ويسهل عليه التبول فيه. ولكن يمكن استعمال الحفاظ الذي على شكل «سروال» بحيث يقوم بإزالته عند قصد الحمام.

وتابع د. الكندري:
- إذا لم تنفع هذه الخطوات، فمن الممكن ان يوقظ الطفل في الليل لأخذه الى الحمام، لكن يجب عدم ايقاظه عدة مرات ليلا، لعدم ازعاج نومه. فذلك سيسبب عدم حصوله على ساعات نوم عميق كافية، مما يجعله منزعجا وغير نشط او منتج خلال اليوم. فالمعقول ان يوقظ مرة واحدة بعد 3 او اربع ساعات من النوم، حتى يفرغ مثانته فقط.

طريقتان علاجيتان
هناك طريقتان علاجيتان رئيسيتان، وهما:

1 - استخدام المنبه الليلي: هو عبارة عن جهاز منبه له سلك يوصل بملابس الطفل الداخلية من الخارج. وبمجرد ان تتبلل ملابسه سيصدر صوت صفارة انذار توقظ الطفل حتى يذهب الى الحمام. ويعتمد نجاح هذه الطريقة على تعاون الطفل واستيقاظه عند سماع الصوت، وعلى شراء الوالدين للجهاز وتحملهم لسماع الصوت المزعج واستيقاظهم ليلا.

2 - العلاج العقاقيري: ويمكن هنا استعمال عقار آمن لا يحتوي على مادة هرمونية، مثل «مينيرين»، فهو يسبب تقليل كمية البول المتجمع في المثانة. ولا توجد آثار جانبية لهذا الدواء على الجسم، حيث لا يؤثر على الكلى او الاخصاب او النمو.
لكن بغض النظر عن الطريقة العلاجية التي يفضل الاستعانة بها، لا بد من ان ترافقها ايضا المتابعة الاسرية واستمرار تشجيع الطفل واتباع الارشادات السلوكية، فالدواء له دور داعم فقط.

من تقصد؟
الجهة المبدئية للحصول على المساعدة هي عيادات المراكز الصحية المتخصصة لعلاج التبول اللاإرادي. وينصح بالحصول على الاستشارة الطبية قبل بلوغ الطفل عمر ستة سنوات، حتى تتم توعية الأم بالنصائح العامة والإرشادات السلوكية لكيفية تطوير قدرة الطفل على عدم التبول ليلا. وفي حالة الحاجة للعلاج، يخضع الطفل أولا للتحاليل والفحوصات اللازمة لتقييم وجود سبب عضوي أو مرضي، ويمكن أيضا وصف الأدوية المفيدة.

اطيب امنياتي لكم بقراءة ممتعة و مفيدة

دمـــ بخير ــــتم

ربي يسلم هالآيديييييييييييييييييين
ثانكس
دمت بكل الود والاحترام
تمينياتي لك
بالتوفيق

نورت صفحة موضوعي نجوم

في امان الله

» التبول المتكرر أثناء الليل.. قد يشير إلى مشكلة أخرى
» الوقاحة .. ظاهرة منتشرة بين المراهقين.. اقرأ رأي الاختصاصيين!!!
» الأشعة التداخلية تعالج الإصابات